طريق “التحالف” إلى مران .. هل تمنع دروس التاريخ تكرار الفشل..؟
يمنات
ثلاث سنوات مرت، و«التحالف» الذي تقوده السعودية يطرق أبواب صعدة، من البقع إلى علب إلى رازح، وفي السنة الرابعة، فتح الجبهة الرابعة، دافعاً بقوات يمنية من معسكر القوات الخاصة في جيزان، إلى مديرية الظاهر، معلناً إقترابه من معقل زعيم «أنصار الله» في مران.
حصل «علي بابا» على كلمة السر، وبفضل «افتح يا سمسم»، فُتح له باب المغارة، ووصل إلى الكنوز المخبأة، لكن الجنرال علي محسن الأحمر، دليل «التحالف» إلى «جرف سلمان»، ضل طريق العودة إلى مران منذ الحرب الثانية. وعلى مدى الأعوام الثلاثة الماضية، ظل يبحث عن ثغرة في جدار صعدة، ولكن الطرق لم تعد سالكة إلى مران.
في الأسبوع الماضي، أعلن قائد «اللواء السادس حرس حدود»، حسين حسان، أن قواته ومعها «لواء مكافحة الإرهاب» سيطرت على معسكر «الكمب المنزالة»، ومركز مديرية الظاهر شمال غرب محافظة صعدة، بعد أن فتحت محورين: الخوبة المنزالة، والمنزالة الحصانة، في إطار خطة متكاملة للوصول إلى معقل الحوثي في جبال مران وحيدان.
وبإسقاط حديث العميد حسان في الميدان، وما يعتمل على الأرض في مديرية الظاهر، فإن معسكر «الكمب»، هو أقصى نقطة حدودية في المديرية، يقابله جبل الجابري في جيزان، والذي تسيطر عليه حركة «أنصار الله» منذ منتصف العام 2015. كما أن «الكمب» في مرمى مدافع وقاذفات الهاون، حيث يتمركز مقاتلو الحركة، في مرتفعات رازح، التي عجزت قوات حسان خلال الشهرين الماضيين، من الإقتراب إلى أقدامها، فلجاءت إلى مديرية الظاهر.
سيرة الهزائم
كل حجر وشجر في مديريات الظاهر وشدا ورازح، لا تزال شاهدة على سيرة الحرب الخامسة والسادسة، التي قادها قائد المنطقة الشمالية الغربية، العميد علي محسن الأحمر، ومساعد وزير الدفاع، اللواء خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، اللذان عجزا خلال عامين، عن الوصول إلى مران، ولم تنتهي الحرب السادسة إلا بإتفاق مع «أنصار الله»، بعد أن تحللت جثامين مئات الضباط والجنود من قوات نظام صنعاء (في حينها) والنظام السعودي، في جبال الأزهور والدود والدخان والجابري والرميح وجبل ظهر الحمار، ولم يعرف لها قبر إلى اليوم، كما لم تفرج الحركة عن عشرات الأسرى من القوات السعودية، إلا بعد أشهر من توقف الحرب السادسة.
في العام 2005، دفع الجنرال على محسن بـ«اللواء 82 مشاة»، بقيادة العقيد شايف القديمي، من حرض إلى معسكر «الكمب»، الذي يقول العميد حسين حسان، اليوم، إن قواته سيطرت عليه. وبعد يومين من تمركز «اللواء 82» في «الكمب»، طوقه مقاتلو «أنصار الله».
وأكد جنود في اللواء لـ«العربي»، أنهم حوصرو «من قبل الحوثييين في الكمب (لمدة) أسبوعين، حتى نفذ منهم الماء والغذاء والذخيرة، فسلمنا أسلحتنا لهم ولم نعد إلى حرض إلا عبر الأراضي السعودية.
وأضاف الجنود، أن «أنصار الله» سمحت لهم بالإنسحاب إلى الداخل السعودي، «فتوجهنا إلى معسكر الجابري في جيزان مشياً على الأقدام، يتقدمنا العميد شايف القديمي، والعقيد حسين ثابت الردفاني. وهناك (في معسكر الجابري) وبخنا ضباط سعوديين، وقالوا لنا إن العميد علي محسن يخوض حرباً عشوائية، وبعدها حملتنا بوابير سعودية إلى منفذ حرض الحدودي».
تكرار للفشل
واعتبر الجنود في «اللواء 82 مشاة» في حديث إلى «العربي»، أن محاولة السعودية والرئيس هادي ونائبه محسن التقدم اليوم من جديد، إلى معسكر «الكمب» في مديرية الظاهر، وصولاً إلى مران، هو ليس إلا «تكرار للهزائم».
وأوضحوا أن «جبال الدود والدخان والرميح والجابري المطلة عليها، تقع تحت سيطرة الحوثيين، وأن المسافة من الكمب إلى مران تبلغ 12 كيلومتراً، كخط مستقيم للقصف المدفعي. و40 كيلومتراً للزحف براً إلى مران، وهذه المسافة تتضمن مرتفعات وشعاب، عمل الحوثيين على بناء التحصينات والخنادق والمتارس فيها منذ الحرب السادسة في العام 2009 إلى اليوم».
وأضاف الجنود أن «أي قوات تحاول الزحف نحوها، ستكون صيداً سهلاً للحوثيين»، مستشهدين بأن «العميد علي بن علي الجائفي، خسر في الحرب السادسة في جبل ظهر الحمار في مديرية الظاهر، أكثر من 300 ضابط وجندي من لواء العمالقة، ولم يتمكن من السيطرة عليه، كما أن مسلحي القبائل الذين استعان بهم علي محسن في الحربين الخامسة والسادسة، الذين عرفوا في حينها بالبشمركة، هم الآخرين فشلوا في السيطرة على مديرية الظاهر، على الرغم من توافدهم إلى معسكر الكمب خلال شهور، بالآلاف من محافظات عمران وحجة وذمار وصنعاء والمحويت».
بين الأمس واليوم
في الحربين الخامسة والسادسة، واجهت «أنصار الله» القوات السعودية وقوات نظام صنعاء (في حينها) في مديريات الظاهر وشدا ورازح، وألحقوا الهزائم بها، وكانت أعدادهم لا تتجاوز المئات، وأسلحتهم متواضعة، وحاضنتهم الشعبية كذلك. ولم يكونوا معروفين في أوساط السكان في حينها سوى بـ«المكبرين» و«أصحاب الشعار».
أما اليوم، وبحسب شهادات سكان محليين في مديرية الظاهر، لـ«العربي» فإن «المديريات الحدودية في صعدة ورازح وشدا والظاهر ومنبه وغمر وباقم وكتاف، تعد ثكنة عسكرية لأنصار الله ومعظم المقاتلين في صف الحركة من أبناء هذه المديريات، الذين دمر القصف الجوي والمدفعي من الجانب السعودي منازلهم ومزارعهم، وقتل الكثير من أسرهم، فلم يعد لديهم ما يخسرونه».
وأكد الشهود أن «الشباب في هذه المديريات، وحتى كبار السن، ينتظرون أي محاولة زحف بري إلى مناطقهم للأخذ بالثأر، من الحروب التي تشن عليهم منذ الحرب الثانية في العام 2005.وكاشف السكان المحليون عن أسر «أنصار الله» خلال الأسابيع الماضية، العشرات من الجنود اليمنيين الذين دفعت بهم السعودية لمهاجمة رازح والظاهر وعلب.
المصدر: العربي